Thursday, June 18, 2015

perhaps

" you won't admit you love me and then how i am ever to know ? you only answer perhaps , perhaps , perhaps "

صدح المذياع صباحا بتلك الاغنية التى كانت "مارلينا" تعشقها ..وددت الرقص على ألحانها ولكنها كانت متعبة من آثار ليلة البارحة ...تلك الليلة التى تركت فيها ندوبا لا يمكن أن تُشفى منها ..فقد حاولت الانتحار وتراجعت عند الثانية الأخيرة ..فقد بدا لها المبنى الذى تسكن فيه بالغ الارتفاع عندما همت بالقفز .ولكن ما لا يمكن نسيانه هو روعة الشعور بالعظمة عن وقوفها عند حافة الشرفة ..وايضا الاحساس باللاوزن ..شعرت وكأنها طائر صغير على وشك تجربة الاطيران لأول مرة كى يكتشف بعدها أنه يجب ان يتعلم كيفية الطيران كى يحلق كما يريد ..وددت التحليق بعيدا بعيدا عن كل ما علمته يوما وكل من عرفتهم يوما

..هى تعلم جيدا خطورة قرارها هذا ولهذا تراجعت عندما تذكرت ضحكته ..وحده الذى استطاع انتشالها ,وحده الذى استطاع فى كل مرة ان يجعلها تبتسم ملأ الروح ..تلك الروح التى تاهت منها منذ ملايين السنين ..ربما نسيتها على أرجوحتها الصغيرة .. كانت تمتلك فى كل منزل انتقلت له وهى طفلة.. أرجوحة ..ولكل أرجوحة منهم كانت تبوح بسر ما ..أرجوحتها الاولى كانت تحب الغناء فجعلها هذا تندندن دوما أغان جديدة فى كل مرة تركبها ..مع العلم أن الاغانى جميعها كانت من تأليف عقلها الصغير ..والثانية انتشت بحديثها باللغة الفرنسية ..تلك اللغة التى خلقت سقفا أعلى لطموحاتها ..على ذكر الاسقف ..بدا سقف غرفتها بعيدا جدا ذلك الصباح ..أبعد مما قاسته الاسبوع الماشى عندما حاولت حساب المسافة التى يحتاجها حبل كى يشنقها ..فوجدت ان المسافة لا تكفى لارداءها ميتة فى وقت قصير ..ولم ترد حينها المزيد من الألم فقط ارادت راحة تامة ..مثلها لها الموت فى ذلك الحين ..

قطع جرس الباب حبل افكارها ..بدت الفكرة سخيفة لها ..فالأمر وكأنه يتكرر مثلما يحدث فى الروايات ..حبكة قاتمة ثم غريب يأتى ليكتشفها ..كان الغريب ليصطدم بجسدها المرتطم بالارض قبل صعوده لبيتها ..تمنت حينها ان يكون الغريب هو ذلك الشقى الذى اقتحم عالمها على حين غرة ثم رحل دون أثر يذكر كأنه لم يكن ..شعرت وكأنه كان مجرد حلم استمتعت به ثم رحل عنها تاركا اياها فى صحوة لا احلام فيها ..أذاقها الحياة حلوة كما لم تعرف يوما ..ثم أذاقها الوجع مراً كما عرفت دوما ..

كانت جارتها التى تصغرها ..بوجهها الدائرى وشعرها البرتقالى المتوهج المصحوب ببقع النمش الصغيرة ..حاولت يوما ما ان تسخر منها بسبب تلك الحبوب ولكنها فيما بعد عشقتهم ..كانت تلك الصغيرة تذكرها بماضيها الطائش و المتهور بتنورتها القصيرة و علكتها التى لا تفارق فمها 
"مارلينا ..هل أنت هنا ؟ " 
ارادات الاجابة أن لا هى ليست هنا ولم تعد توجد بهذا العالم البائس ولكنها وجدت قدماها تقودانها نحو الباب لتفتحه وشعرها أشعثا وعيناها منتفختان بالألم والخوف والوجع والزهد فى البكاء الذى ما عاد يريح قلبها 
"مارلينا ..هل أنت بخير ؟"
جمالك أضاف غباءا اليك يا "جيسى" هل أبدو لكِ بخير 
لم تنطق وانما فتحت لهها الباب واومأت لها بالدخول وعادت الى سريرها ..
"مارلينا .. ماذا بكِ؟ تبدين وكأنك عدتِ توا من الموت ؟"
ها هو غبائك يستحيل ذكائا..
" يمكننا القول أنكِ محقة.. عدت توا من الموت "
"ولكن لماذا ؟"
" ماذا تريدين يا جيسى؟"
اقتربت جيسى منها وحاولت احتضانها ولكنها قاومتها ..لم تكن تريد أيا كان قريبا منها 
" كنت أود التسكع معكِ.."
"وأنا لا أريد" 
"حسنا اذا ..اغتسلى و سأمر لاصطحابك عند التاسعة "
"سأكون نائمة حينها ..أرجوك لا تزعجى نفسك سأنام قليلا وأصحو لأكون بخير"



"حسنا "
وقبلتها قبلة خاطفة على جبينها و ذهبت ..تاركة اياها غارقة فى أفكارها التى تزداد سوادا على سواد ..وفجأة رن هاتفها يشير الى استقبالها رسالة نصية 

أفتقدكِ

هكذا بكل بساطة ..عاد ..عاد ليغزو عالمها وكأنه لم يرحل يوما مخلفا جروحا لا تشفى سوى بعد سنوات من النسيان ..عاد يطلبها مجددا ..ساد صمتها قرابة الساعة الى أن رن جرس الباب مجددا..قررت أنها لن تفتح هذه المرة ..ألا يمكنها التمتع بالخصوصية ولو لوهلة فى هذا العالم البائس ؟
مرت دقائق قبل ان يرسل رسالة اخرى 

هلا فتحت باب شقتك يا حلوتى ؟


ياله من بائس .. أعزم على مطاردتى ؟؟ 
نفشت شعرها و تأكدت انها تبدو مزرية كما يجب كى تبعده بمظهرها الموحش و تتخلص منه 
فتحت الباب ..لتجدها..لم تكن سوى باقة كبيرة جدا من الورد الأبيض الملفوف بورق الشجر الأخضر ..كان يبدو وردا مسحورا بصورة خيالية ..تسمرت أمامه ولم تتحرك سوى عندما رأته واقفا يحمل تاجا من الورد البنفسجى الذى البسه اياها وحينها فقدت قدرتها على الكلام ولكنها استردت قدرتها على الحياة